بسم الله الرحمن الرحيم
هذه القصيدة الرومانسية تنضح بلواعج الشوق والحنين إلى الربوع الواقعة شمالي مدينة (أبو قوتة) حيث يقع مجمع (قوز الناقة)، وسلسلة قرى (أبْ إضينة)؛ ابتداءً بقرية (الفكي حامد) وانتهاءً بقرية (ود زَلَم)، وما جاورها من القرى المترامية في تلك الأصقاع الوادعة، مثل قرى (أم ورق) أو (حلة الشيخ المعروف) و (الكاهلي) و(كِتْرة) وخلافها من تلك القرى الحالمة التي تمتزج طيبة أهلها بخضرة أرضها، ويتعانق فيها جمال الطبيعة وروعة الإنسان...
سبب نظمي لهذه القصيدة أنني جئت عابراً بهذه القرى في منتصف تسعينيات القرن المنصرم، وأنا في طريقي إلى (أبو قوتة) على متن البص السفري القادم من الحصاحيصا... وقد اضطرمت في جوانحي لواعج الحنين إلى عهود سالفةٍ كنت أزور فيها هذه الربوع مع الأفوكاتو: صلاح عوض الكريم، والفتى الخارق: محمد سليمان (كبجن)، وكلاهما من قوز الناقة (نمرة 1)... وقد كانت قوز الناقة تتكون من سلسلة قرى متجاورة، عددها 6 قرى، وتقع في محازاتها تماماً سلسلة أخرى من القرى؛ هي سلسلة قرى (أبِّضينة)، وعددها أيضاً 6 قرى، تمتد من (الفكي حامد) شرقاً حتى (ود زلم) غرباً...
وقد قرر أبناء قوز الناقة تجميع سلسلة قراهم في مجمع ضخم يضم كل هذه القرى، سعياً وراء الحصول على الخدمات الضرورية من تعليم وصحة وخلافه.. وقد كان لهم ما أرادوا، حيث برز إلى حيز الوجود ما يسمى (بمجمع قوز الناقة)... أو (قوز الأناقة) كما يروق لبعض فتيات القرية أن يسمينها... فعندما مررنا عابرين بمجمع قوز الناقة، وكان معنا على متن البص مجموعة من الطابات... صاحت إحداهن: (قوز الأناقة) ثم تضاحكن بمرح وسعادة !!!
قوز الأناقة
(قوزَ الأناقـةِ ) هل أقـامَ حبيبُ *** بربوعِكـم، حين المزارُ قريـبُ
أهوَى المجمَّـعَ، والنزولَ بسوحِهِ *** حيثُ الطلاقـةُ، والحيـاةُ تطيبُ
قومٌ إذا ما الضيفُ حَلَّ بدارِهـمْ *** يغْشـاهُ لحـمٌ طازِجٌ، وحليبُ
ولقد مرَرْتُ على (أبِّضينةَ) عابراً *** والشمسُ من خلفِ الغيومِ تغيبُ
فذَكَـرْتُ أيَّامـاً خلَوْنَ بجَـوِّها *** فسَرَتْ بقلبي رِعْـدَةٌ، ووجيبُ
ولكمْ لنا بينَ (الزُّلَيْمِ) و(حامِـدٍ) *** أيـامُ لَهْـوٍ كلُّهُـنَّ عجيـبُ
ياحبذا أرضُ (أُمْ وَرَقْ) ونسيمُها *** والعشبُ من حولِ الدِّيارِ قشيبُ
و(الكاهِلِيُّ) و(كِتْرَةٌ)، يا حبَّـذا *** تلك الديارُ، وروضـةٌ وكثيبُ
فسقاكِ وبْلُ الغادِياتِ مُجلجِـلاً *** وانهَلَّ فيكِ من الجنوبِ سَكوبُ
ولكِ الرِّضا، لا زال ربعُكِ مُونِقاً ***مخضَوْضِرَ السَّاحاتِ وَهْوَ خصيبُ