ابن العريجاء مسعودى جديد
عدد المساهمات : 24 تاريخ التسجيل : 19/05/2009 العمر : 67 الموقع : الدوحة - قطر
| موضوع: لماذا أطلقوا على أبي الطيب لقب (المتنبي) ؟! الأحد مايو 16, 2010 11:37 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم لماذا أطلقوا على أبي الطيب لقب المتنبي الشاعر العربي الكبير أبو الطيب، أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد، الجعفي الكوفي الكندي، المولود بالكوفة سنة 303 هـ (915م) والمتوفي بالنعمانية قريباً من دير العاقول، في سنة 354هـ (965م)، عرف بين الناس بلقب (المتنبي)، أي مدعي النبوة. فهل هو قد ادعى النبوة بالفعل، وإلا فما هو سر هذه التسمية العجيبة ؟؟! هنالك أقوال مختلفة حول سبب إلصاق هذا اللقب بأبي الطيب:ـ
1) قيل أنه ادعى النبوة في بادية السماوة بين الكوفة والشام فتبعه خلق كثير من بني كلب وغيرهم. وقبل أن يستفحل أمره خرج إليه لؤلؤ أمير حمص ونائب الإخشيد، فأسره وتفرق أصحابه، وحبسه مدةً ثم استتابه وأطلق سراحه بعد أن تاب ورجع عن دعواه.
وفي شعر أبي الطيب ما يؤيد هذا القول ويدعمه؛ من ذلك قوله:
سأطلب حقي بالقنـا ومشـايخٍ *** كأنهم من طول ما التثمـوا مُرد ثقالٍ إذا لاقوا خفـافٍ إذا دعوا *** كثيرٍ إذا شدوا قليلٍ إذا عُـدُّوا وطعنٍ كأن الطعنَ لا طعـنَ عنده *** وضربٍ كأن النار من حره برد إذا شئتُ خفَّتْ بي على كلِّ سابحٍ *** رجالٌ كأن الموت في فمها شهد
وقوله:
وإن عَمَرتُ جعلتُ الحرب والدةً *** والسمْهـريَّ أخـاً والمشرفيَّ أبا بكل أشعثَ يلقى الموتَ مبتسمـاً *** حتى كأن لـه في قتلـه أربـا قحٍ يكاد صهيل الخيـل يقذفـه *** من سرجه مرحـاً بالغزو أو طربا الموت أعذر لي والصبر أجمـل بي *** والبرُّ أوسـع، والدنيـا لمن غلبا
وقوله:
لقد تصبَّرتُ حتى لات مصطبرٍ *** فالآن أقحمُ حتى لات مقتحـم لأتركنَّ وجـوهَ الخيل ساهمةً *** والحرب أقـومَ من ساقٍ على قدم والطعن يحرقها والزجر يقلقها *** حتى كأن بهـا ضربـاً من اللمم قد كللتها العوالي، فهي كالحةٌ *** كأنما الصاب مذرورٌ على اللجـم بكل منصلتٍ ما زال منتطري *** حتى أدَلْتُ له من دولـة الخـدم شيخٍ يرى الصلوات الخمس نافلةً *** ويستحل دم الحجاج في الحرم
وقوله:
ولا تحسبن المجـد زقـاً وقينـةً *** فما المجد إلا السيف والفتكة البكر وتضريب أعناق الملوك وأن ترى *** لك الهبوات السود والعسكر المجر وتركك في الدنيـا دوياً كأنَّمـا ***تداول سَمـع المرء أنْمُلُـه العشر
2) القول الثاني هو الذي رجحه الدكتور/ عبد الله الطيب في كتابه الماتع (مع أبي الطيب)، وهو أنه إنما أطلق عليه لقب المتنبي بسبب أبيات قالها حين كان في بادية كلب، وهي:
ما مقامي بأرض نخلة إلا *** كمقام المسيح بين اليهود أنا في أمَّـةٍ تداركها الله *** غريبٌ كصـالح في ثمود
تماماً كما لقب المثقب العبدي بقوله:
ردَدْنَ تحيةً وكنَنَّ أخرى *** وثقَّبنَ الوصاوصَ للعيون
وكما لقب المرقش الأكبر بقوله:
الدار قفرٌ والرسوم كما *** رقَّشَ في ظهر الأديم قلم
وكما لقب المتلمس الضبعي بقوله: وذاك أوان العرْض جُنَّ ذبابه *** زنابيرُه والأزرقُ المتلمِّسُ
3) وهناك قول ثالث مفاده أن أبا الطيب هو متنبئ الشعر، استناداً على تفوقه في الشعر على كافة أقرانه من معاصريه ومن سبقهم ومن جاء بعدهم، قال عنه الحافظ الذهبي في كتابه: (ليس في العالم أحدٌ أشعر منه، أما مثله فقليل)، وقال عنه ابن رشيق: (ملأ الدنيا، وشغل الناس)، وقال عنه أبو منصور الثعالبي: (وسافر كلامه في البدو والحضر، وكادت الليالي تنشده والأيام تردِّده) وكان الصاحب بن عباد يقول: (بدئ الشعر بملك، وختم بملك، يقصد امرأ القيس وأبا فراس الحمداني )، ولكن الدكتور عبد الله الطيب قال: إنما يقصد امرأ القيس وأبا الطيب، إذ أن كلاهما من كندة، وكلاهما طمعا في الملك)
وقيل: إنه قال: أنا أول من تنبأ بالشعر.
وهذا يمكن أن يفهم من الحكاية التالية:
يحكى أن ابن وهبون الشاعر الأندلسي دخل يوماً على المعتمد بن عباد، صاحب قرطبة وإشبيلية، فوجده ينشد بيتاً للمتنبي ويردده استحساناً له، وهو قوله:
وما الحسن في وجه الفتى شرفاً له *** إذا لم يكن في فعله والخلائق
فما كان من ابن وهبون إلا أن أنشد ارتجالاً:
لئن جاد شعر ابن الحسين وإنما *** بقدر العطايا واللُّهى تُفتَح اللها تنبَّأ في نظم القريض ولو درى *** بأنك تروي شعـره لتـألَّهـا
هذا وفي شعر المتنبي الشيء الكثير الذي يفيد اعتداده بنفسه وفخره على جميع شعراء العرب، سواءً أكانوا من معاصريه أو سابقيه:
وما الدهر إلا من رواة قصائدي *** إذا قلت شعراً أصبح الدهر منشدا فسـار به من لا يسير مشمـراً *** وغنى بـه مـن لا يغـني مغـرِّدا أجزني إذا أُنشدتَ شعـراً فإنمـا *** بشعـري أتاك المادحـون مُردَّدا ودع كل صوت غير صوتي فإنني *** أنا الصائحُ المحْكِيُّ والآخر الصدى
لا تجسر الشعراءُ تنشد ههنا *** بيتـاً ولكني الهـزبْرُ الباسـلُ ما نال أهلُ الجاهلية كلهـمْ *** شعري ولا سمعتْ بسحريَ بابلُ وإذا أتتك مذمـتي من ناقصٍ *** فهي الشهـادة لي بأني كامـلُ
بلغت بسيف الدولة النور رتبةً *** أثرت بها ما بين غربٍ ومشرقِ إذا شاء أن يلهـو بلحية أحمقٍ *** أراه غباري، ثم قال له الْحَـقِ وما كمدُ الحسَّاد شيئاً قصدتُه *** ولكنه من يزحمِ البحـرَ يغرقِ
سيعلم الجمـع ممن ضم مجلسنا *** بأننـي خير من تسعـى به قـدم أنا الذي نظـر الأعمى إلى أدبي *** وأسمعَـتْ كلماتي من بـه صمم أنام ملءَ جفوني عن شواردهـا *** ويسهر الخلق جرَّاها، ويختصمـوا ومُرهـفٍ سرت بين الجحفلين به *** حتى ضربتُ وموج الموت يلتطم فالخيـل والليل والبيداء تعرفني *** والسيف والرمح والقرطاس والقلم صحبت في الفلوات الوحش منفرداً *** حتى تعجَّبَ مني القورُ والأكَمُ كم تطلبون لنا عيبـاً فيعجزكـم *** ويكره الله ما تأتـون والكـرم ما أبعد العيب والنقصان عن شرفي *** أنا الثريا وذانِ الشيب والهـرم
4) كان المغاربة يسمونه ( المتنبِّه )، كما نقل ذلك ابن خلكان عن أبي القاسم الوزير.... إذن فأهل المغرب العربي – بما في ذلك الأندلس – لا يقرون بتسمية (المتبي) ويستبدلونها بالمتنبه؛ ومعلوم أن لفظة المتنبه تعني صاحب النباهة والفطنة والذكاء الخارق... قال الدكتور/ عبد الله الطيب في كتابه الماتع (مع أبي الطيب): قد كان أبو الطيب المتنبي فنَّاناً ملهماً خارق القدرة البيانية، وقد أجمع النقاد أنه هو وأبو تمام والبحتري أشعر المحدثين... وهو أشعر الثلاثة بلا أدنى ريب، لأن صاحبيها لحقهم غبار التاريخ فصارت أشباحهما على عظمها تهم بالاختفاء وأن يغمرهما النسيان... وهو لا زال شبحه باهراً مضيئاً، وقد نبغ واللغة مرَّت عليها منذ عهد امرئ القيس قرون ستة، وشهدت أمثال جرير والفرزدق والنابغة وأبي نواس... وكان في دهرها الأول قائلها قد قال:
هل غادر الشعراء من متردم *** أم هل عرفت الدار بعد توهم
ومع هذا قد وجد أبو الطيب المتردم بعد المتردم، وفرض عبقريته فرضاً على اللغة العربية بما أضاف إليها من ثروة طائلة في محض أساليب البيان مما لا تزال حيوتيه تنبض إلى اليوم... وقال (رحمه الله) في موضع آخر من كتابه: وما فتنة العرب بأبي الطيب ألف عام إلا لما علموا من أمر نبوغه وما أحسوا من سحر إبداعه. وقد كان معاصروه هم أول من افتتن به، وقد رام مماثلته بمحاكاته أو الأخذ منه جماعة منهم بأبي فراس والسَّرِيِّ الرفَّاء، فعجزوا، ثم انتقلت الفتنة به إلى الجيل الذي تلاهم، فرام مثل ذلك منهم جماعة كالشريف الرضي وأبي العلاء المعري فعجزوا أيضاً، ثم لم تزل يُفتَن به ويروم مثل شأنه أو التفوق عليه جماعة في كل عصر وجيل إلى زماننا هذا، ولعل أحمد شوقي من أظهر ما يتمثل به في هذا الباب، وقد عجز (رحمه الله) على ما أوتيه من قدرة. | |
|
ميويا الطاهر مسعودى جديد
عدد المساهمات : 8 تاريخ التسجيل : 14/03/2011
| موضوع: رد: لماذا أطلقوا على أبي الطيب لقب (المتنبي) ؟! الأحد مارس 27, 2011 8:29 am | |
| مشكور اخي وتقبل مروووووووري | |
|